محمد رفعت
استطاع بصوته العذب الخاشع أن يغزو القلوب والوجدان ويجمع بين الخشوع وقوة التأثير، فكان أسلوباً فريداً فى التلاوة، ولم يكن يعبأ بالمال والثراء، وأبى أن يتكسَّب بالقرآن. وتعرض فى السنوات الـ8 الأخيرة من عمره لورم فى الأحبال الصوتية وحُرم الناس من صوته إلا من خلال 3 شرائط كانت الإذاعة المصرية سجلتها قبل اشتداد المرض عليه. وقد توفى فى نفس اليوم عام 1950 عن 68 عاماً.
ولد الشيخ محمد رفعت والملقب بـ«قيثارة السماء» يوم الاثنين 9 مايو عام 1882 بحى المغربلين بالقاهرة، وهو نفس اليوم الذى رحل فيه عن عمر يناهز الـ68 عاماً، وفقد بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره، حيث أصيب بالعمى نتيجة مرض أصاب عينيه. حفظ القرآن فى سن الخامسة، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره.
توفى والده محمود رفعت، الذى كان يعمل مأمور قسم شرطة الخليفة، وهو فى التاسعة من عمره، فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، فلجأ إلى القرآن يعتصم به ولا يرتزق منه، تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى السيدة زينب سنة 1918 وهو فى سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك، فافتتحها بقوله -تعالى- من أول سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، كما سجل آنذاك سورة مريم لإذاعة بى بى سى البريطانية العربية. كان الشيخ محمد رفعت من أوائل المؤسسين لمدرسة خاصة فى التجويد القرآنى أُطلق عليها «مدرسة التجويد الفرقانى»، حيث كانت طريقته فى التلاوة تتسم بتجسيد المعانى الظاهرة فى القرآن الكريم، كى يصل المعنى الحقيقى إلى صدور الناس، وكان صوته رخيماً رناناً، وينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان، كما كان صوته يحوى مقامات موسيقية مختلفة، ويستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالاختلاف.